تهيئة الخبر للطباعة
الاسباب التي تمنع الجنائية الدولية من محاكمة مبارك
تاريخ ووقت النشر السبت 26 مارس 2011
الاسباب التي تمنع الجنائية الدولية من محاكمة مبارك
استبعد لويز مورينو أوكامبو -المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية- أن تتمكن المحكمة الدولية من محاكمة مبارك ونظامه؛ مُرجعاً ذلك لعدة أسباب؛ أولها أن نظام المحكمة غير فعال إلا للدول الأعضاء، ومصر ليست عضواً حتى الآن.
وقال أوكامبو، على هامش زيارته لمصر: إن صلاحية المحكمة الدولية للعمل في أي دولة تبدأ مع قبول الدولة لاتفاقية روما، وهو "موقف تقرره الدولة ذات السيادة حول التعامل مع المستقبل وليس مع الماضي؛ لأن المحكمة لا تطبّق قوانينها بأثر رجعي إلا في حال مطالبة الدولة بذلك"؛ وفقاً لما ذكرته جريدة الشروق.
وأوضح أوكامبو أنه يستبعد أن تطلب مصر من المحكمة تطبيق أحكامها بأثر رجعي؛ مشيراً إلى أن أي جرائم قد تكون ارتكبت من قِبَل النظام المصري السابق يمكن التعامل معها من خلال القضاء المصري القوي والفاعل؛ "فمصر لديها تاريخ قانوني وقضائي طويل"؛ حسب قوله.
وقال أوكامبو: إن مصر وتونس أبلغتاه أنهما تنظران في الانضمام لاتفاقية روما؛ بما يجعلهما عضوين فاعلين في نظام المحكمة الدولية، الذي يتيح مقاضاة رؤساء الدول عن الجرائم التي يرتكبونها بحقوق شعوبهم؛ مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تتمكن القاهرة وتونس من مراجعة بعض التفاصيل القانونية.
وكان أوكامبو قد زار القاهرة يومي الأربعاء والخميس الماضيين، والتقى وزير الخارجية نبيل العربي، ووزير العدل عبد العزيز الجندي، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وعدد من النشطاء القانونيين وممثلي المجتمع المدني المصري.
وقال أوكامبو: إن لقاءه مع وزير العدل "الجندي" تطرّق لإمكانية قيام المحكمة الجنائية الدولية بتوفير تدريب لكوادر قضائية مصرية.
وأضاف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن لقاءاته مع الناشطين القانونيين المصريين والمجتمع المدني المصري لا تهدف إلى جمع معلومات عن الجرائم التي ارتكبها النظام المصري السابق بحق المتظاهرين والناشطين السياسيين؛ ولكن تهدف الاستماع لما يودون أن يقولوه بشأن هذا الأمر، وأن يطرح لهم الرأي القانوني في موقف المحكمة الجنائية الدولية إزاء مثل هذه القضايا.
وعلى الرغم من أن عمل المحكمة الجنائية الدولية بتحريك النظر في قضية ما، يرتبط بالأساس بطلب من مجلس الأمن الدولي للمحكمة، كما هو الحال بالنسبة لدارفور أو ليبيا بالنسبة للدول غير الأعضاء في المحكمة؛ فإن "الأفراد والمواطنين أيضاً من حقهم أن يلجأوا للمحكمة بقضايا بعينها؛ في حال ما إذا كانت الدولة عضواً بالمحكمة، وهناك سوابق لتدخّل المحكمة بناء على مطالب المواطنين والأفراد".
وفي حال انضمام مصر وتونس إلى اتفاقية روما؛ فإن عدد الدول العربية المنضمّة للمحكمة الجنائية الدولية سيزداد إلى خمس دول؛ حيث سبق وانضم الأردن وجيبوتي وجُزر القمر إلى الاتفاقية؛ حيث إن الأوضاع في العالم العربي تتغير، وربما قريباً سنشهد انضمام المزيد من الدول إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب أوكامبو؛ فإن نظام عمل المحكمة الجنائية الدولية القائم على حماية الناس ضد الظلم والطغيان يتلاءم تماماً مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، التي تُعد واحدة من أوائل النظم القانونية، التي أرست أسباب الحماية للمواطنين والضعفاء والأبرياء.
وفي هذا الصدد أشار أوكامبو إلى أنه بدأ بالفعل في الثالث من شهر مارس الجاري في إجراء تحقيقات حول الجرائم الواقعة بحق الشعب الليبي من قِبَل نظام معمر القذافي، خلال النصف الثاني من شهر فبراير الماضي.
وأوضح أوكامبو: "إن الوضع في ليبيا ينقسم إلى قسمين؛ الأول: من منتصف فبراير وحتى نهاية فبراير، وفي هذه الأيام كان الوضع واضحاً جداً؛ حيث إننا نتحدث عن قمع واسع باستخدام العنف ضد المتظاهرين العزل من قِبَل النظام، وهناك بالفعل دلائل تشير إلى وقوع جرائم ضد الإنسانية ارتكبها النظام الليبي ضد المواطنين، أما المرحلة الثانية: وهي من بداية مارس وحتى اليوم؛ فهذه مرحلة مختلفة لأننا نتحدث عن صراع مسلح بين الثوار وبين النظام".
أوكامبو توقع أن يُقدّم تقريره لغرفة قضاة المحكمة الجنائية الدولية خلال أسابيع قليلة؛ متوقعاً أن يحتاج القضاة لأسابيع قليلة أيضاً لدراسة الملف، ثم إصدار أمر بتوقيف العقيد معمر القذافي، الذي يبدو أوكامبو مقتنعاً من خلال الأدلة، التي بدأت تتجمع لديه بأنه سيُدان بارتكاب جرائم حرب في حال محاكمته.
ولم يستبعد أوكامبو إمكانية تسليم القذافي، وغيره من أعضاء النظام وأسرة القذافي؛ في حال إصدار أوامر بتوقيفهم من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية؛ معتبراً أن هناك إرادة دولية جماعية لمعاقبة النظام الليبي عن الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الليبي؛ مشيراً إلى أن التصويت على قرار مجلس الأمن بإحالة الملف الليبي إلى المحكمة الجنائية الدولية جاء بإجماع الأعضاء الخمسة عشر للمجلس؛ على عكس الحال مثلاً بالنسبة للاتهامات الموجّهة ضد الرئيس السوداني عمر البشير حول الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظامه في إقليم دارفور، غرب السودان، والتي لم يكن فيها إجماع؛ حيث امتنعت الصين، والجزائر، والبرازيل، والولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت؛ كل حسب أسبابه.
ومع ذلك، يقول المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية: إنه لا يعتقد بأن الرئيس السوداني عمر البشير سيُفلت؛ "لأنه مع الوقت ومع التطورات" سواء نحو المزيد من الديمقراطية أو نحو الاستخدام الأفضل لوسائل الاتصالات؛ فإنه سيأتي يوم يمثل فيه البشير أمام المحكمة لمواجهة التهم الموجهة ضده بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
وحول الاتهامات الموجهة له بإهمال جرائم الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة، قال أوكامبو: إن عمله في هذا الأمر يتطلب أن تتوصل المحكمة الجنائية الدولية لقرار قانوني حول الاعتراف بحق السلطة الفلسطينية في أن تتقدم إلى المحكمة، كما لو كانت دولة بأنها تقبل باتفاقية روما؛ مشيراً إلى مناقشات وحوارات جرَت عبر العامين الماضيين بين المحكمة الجنائية الدولية من جهة وبين السلطة الفلسطينية والجامعة العربية من جهة أخرى؛ لكن الأمر لا يزال يحتاج لبعض الوقت للتأكد من كل التفاصيل القانونية.
ويرفض أوكامبو الاتهام بأنه يتباطأ في الحركة إكراماً لإسرائيل واستجابة لضغوط دول غربية عديدة؛ على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لا تريد أن ترى إسرائيل تعاقب على جرائم حرب ثابتة ضدها، ويقول: "هذا غير حقيقي".
ويرفض أوكامبو القول: إن التباطؤ في التعامل مع الجرائم الإسرائيلية بحق سكان قطاع غزة مقابل الحسم في التعامل مع ملفي دارفور وليبيا، تُفقد المحكمة الجنائية الدولية القبول في الأوساط الشعبية في العالم العربي، ويصرّ أن المحكمة الجنائية الدولية تتمتع بالقبول في دارفور؛ حيث يشعر المواطنون أنها تسعى لإنصافهم وتحقيق العدالة لهم، وأنها سيكون لها نفس القبول في ليبيا.. المهم أن يكون القبول في أوساط الضعفاء، الذين يحتاجون من يناصرهم، وليس في أوساط الطغاة الحاكمة.
الفجر
Share