ا[b]لأطفال والتلفزيون
تهدف وسائل الإعلام بمختلف أنواعها إلى الإرشاد والتثقيف، إضافة إلى الترفيه، ويعتبر التلفزيون وسيلة جذب للكبار والصغار، فهو يعتمد على الصوت والصورة، وعنصر الحركة، إضافة إلى ذلك فالتلفزيون وسيلة متاحة للجميع، فهو يحتل مكاناً بارزاً في البيت والمكتب والسيارة ومراكز التسوق وأماكن الترفيه المختلفة.
ولأن التلفزيون يمتلك خصائص متميزة عن غيره من وسائل الإعلام، لهذا، يجب الاستفادة منه كوسيلة إعلامية حضارية تقدم المعلومة المفيدة والمتعة للمشاهد مهما كان عمره، ولأننا في بداية العطلة الصيفية سنركز على التلفزيون والأطفال.
إذ من المعروف أن الطفل إذا كان يقضي ما لا يقل عن أربع ساعات يومياً خلال أيام المدرسة، فهذا يعني أنه خلال العطلة يقضي ما لا يقل عن ضعف هذه المدة، ولسنا نبالغ في هذه الأرقام إذ يمكننا الحكم على ذلك من خلال استبيان واستقراء بسيط للواقع.
ويؤكد الباحثون على أن التلفزيون يجذب الصغار إليه في العطلة الصيفية بصورة ملحوظة، لهذا ينبغي أن يكون له تأثير إيجابي في نمو وتطور شخصية الطفل، وتلبية ميوله وتحقيق رغباته، بمعنى آخر يجب على التلفزيون أن يسد الثغرة الكائنة بين الطفل وإمكانياته وميوله، وبين غياب الأهل وانشغالهم عن أطفالهم، وبين الانقطاع عن المدرسة بسبب العطلة الصيفية الطويلة.
وهذا يقتضي أن يأخذ القائمون على إدارة البرامج التلفزيونية هذا الأمر بعين الاعتبار، لأن التلفزيون يجب أن يكمل دور البيت والمدرسة في التربية والتعليم، ولا تقتصر برامجه على الترفيه فقط أو على البرامج المستوردة التي تشوه نظرة الطفل للحياة.
ففي اختيار برامج الصغار ينبغي مراعاة المستوى الذهني والعمري والانفعالي والعادات والتقاليد، والواقع المحلي، إضافة إلى خصائص اللغة أو قاموس الطفل اللغوي الذي يعتمد على العبارات البسيطة من دون تشويه نطق الأحرف والكلمات.
ومن المهم جداً أن يتم اختيار البرامج التلفزيونية مع الأخذ بعين الاعتبار الأهداف التربوية القابلة للتحقيق، التي تدفع الأطفال نحو اكتساب المعرفة والخبرات الضرورية لتطوير شخصيتهم وتحقيق التميز في حياتهم المدرسية والاجتماعية.
وبعد..
يحق لنا أن نتساءل، هل فعلاً برامج الأطفال التي تعرضها المحطات التلفزيونية المحلية والعربية تأخذ بعين الاعتبار الخصائص الذهنية والنفسية والاجتماعية لأطفالنا، التي إن اعتمدت في اختيار البرامج ساعدت على السير في الاتجاه الصحيح المواكب لتطور شخصية الطفل من جوانبها المختلفة.
للأسف نقول إن برامج الأطفال مستوردة في معظمها، وهي تنمي الميول الانفعالية لدى الصغار، والتي تؤثر بشكل سلبي على نفسيتهم وعلى شخصيتهم وعلى تعاملهم مع أفراد أسرتهم، وأصدقائهم وزملائهم في المدرسة.
ولكي لا نحلق وحيدين خارج السرب، ندعو كل مرب أو أب أو أم للتفرغ يوما كاملا مع الطفل الذي يتنقل بين هذه المحطة أو تلك، ومراقبة ما يعرض للصغار، حينها سيشعر بالأسى والحزن العميق، لأن تلك البرامج في معظمها تعتمد على المؤثرات الصوتية التي توتر الأعصاب، وتثير الانفعالات، وتتسم بتدني المستوى اللغوي، والهبوط بعرض القيم الأخلاقية في المجتمع، فهي تقوم على عرض فكرة المكائد والخيال والرعب والعنف، إنها ولا شك تساهم في تعزيز السلوك العدواني الذي إن تأصل في الصغر سيتحول الطفل إلى مجرم في الكبر.
إن برامج الأطفال تتطلب تشكيل لجنة من المتخصصين في مجال التربية وعلم النفس والفنيين من أجل تقييم أي برامج قبل عرضها على الشاشة والتي يجب أن تجمع ما بين الترفيه والتعليم والتثقيف، من أجل مساعدة الأطفال على مواجهة صعوبات الحياة والتعامل معها بشكل إيجابي، فالتلفزيون هو بمثابة المدرسة والبيت، فهل نعى ذلك