ونحن على أعتاب وداع شهر الصيام , لا بد لنا من وقفة صدق نحاسب فيها أنفسنا ونزن فيها أعمالنا في ميزان الحق ونتساءل: ماذا استفدنا من رمضان , وهل تخرجنا من مدرسته بشهادة المتقين ؟ هل ربينا فيه أنفسنا على الصبر والمصابرة على الطاعة وعن المعصية ؟ هل شحذنا هممنا وعزمنا عزما أكيدا بعد الاستعانة بالله تعالى للمضي والاستمرار على خارطة الطريق التى رسمها لنا رمضان بعد ان يولي مودعا , أم ترى كان اجتهادنا اجتهادا موسميا كثفنا فيه من العبادات والطاعات في هذا الشهر الفضيل حتى اذا انقضى رمضان فترت الهمة ووهن العزم وتراجعت الخطوات الى الوراء بعد أن ذقنا حلاوة الأيمان الحقيقية ولذة الطاعات , بعد أن كنا نتقلب في أعمال الخير ونقرع أبوابه ونسارع الخطى نحو المساجد وصلة الأرحام واغاثة المساكين والمحتاجين , فهل ننقض الغزل الذي غزلناه طيلة شهر كامل لنصبح كالتي قال الله تعالى عنها : {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} سورة النحل
فهناك من لا يقبل على الله تعالى الا في رمضان , فيكثر من الطاعات وأعمال البر ليصبح وكأنه رمضاني بصلاته وصيامه وتلاوته , وكأن هذه العبادات محصورة في فترة زمنية محددة هي شهر الصيام .فالمساجد التي كانت عامرة بالمصلين حتى الطفاح في صلاة التراويح , نجدها وقد قل روادها بعد رمضان , والذي كان يحرص على صلاة الجماعة في رمضان , بدأ يتهاون فيها , والذي كان القرآن شغله الشاغل في رمضان , نجده وقد هجر كتاب الله ووضعه على الرف حتى رمضان القادم.
فالطاعات ليس لها موسم معين حتى اذا انقضى هذا الموسم عاد الانسان الى المعاصي ,بل ان موسم الطاعات دائم مستمر ما دام في الانسان نفس وما دام في جوفه قلب ينبض , وقد قيل لبشر الحافي رحمه الله :" ان قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان "فقال :" بئس القوم قوم لا يعرفون الله حقا الا في شهر رمضان ,ان الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها "
فالمسلم الحق يستمر في طاعة الله في رمضان وغير رمضان , ثابت على شرعه ,مستقيم على دينه ونهجه لأنه يعلم أن رب رمضان هو رب الشهور والأيام كلها .
فيا شباب الاسلام ,الثبات الثبات والصلح الصلح مع الله , فأمتنا بحاجة الى شباب ثابتين على طاعة الله ,حافظين لحدود الله مخلصين لدعوة الله , فبيوت الله تناديكم فعمروها في رمضان وبعد رمضان , كتاب الله يشكو هجركم له , فعمروا صدوركم بنوره المبين في كل حين ,مجتمعاتكم بحاجة اليكم , الى استقامتكم, الى عقولكم ,الى قوتكم الى عطائكم , الى علمكم , وليكن شعار كل واحد منكم :" لا لن أكون رمضانيا فقط بل ستسري روح رمضان في كل أيام عمري وسني حياتي ".
يا شباب الاسلام , لقد قالها ذاك المستشرق الذي درس الاسلام وتعمق فيه كلمة مشهورة :"يا له من دين ولكن ليس له رجال " بل انتم رجاله واهله انتم عتاده وعدته ,انتم حصونه التي لا تدك ولن يقوم باذن الله الا على سواعدكم وأكتافكم فكونوا كذلك .. نعم كونوا كذلك فأنتم أمل الأمة وروحها.
وكل عام وأنتم بألف خير